متى ستعلن عبير موسي تصالحها مع ثورة 14 جانفي في بعدها البورڤيبي الأكيد ؟

with Aucun commentaire

الوقفة الإحتجاجية التي قامت بها الأستاذة عبير موسي وحولها عدد من نواب حزبها بالبرلمان أمام مكتب المستشار الجديد لرئيس البرلمان و رئيس المنظمة الإخوانية الإرهابية بتونس ما بعد الثوره محمد الغرياني سمحت لي شخصيا أن أقف على ما أعتبره زلة لسان صدرت عن رئيسة الحزب الدستوري الحر و هي في حالة من رد الفعل المرتجل على الشتائم والسباب البذي الذي تكيله لها، استفزازا، المليشيات الإرهابية المؤتمرة بأوامر الغنوشي . ومن جملة الشتائم التي وجهت إليها نعتها بزغراطة بن علي إشارة إلى كونها كانت مسؤولة عن لجنة المرأة بحزب التجمع في فترته الأخيره قبيل الثورة. و اغتنمت فرصة تعيين الغنوشي للغرياني مستشارا له مكلفا بالمصالحة الوطنية لتؤكد على ما اعتبرته تناقض الثورجيين بين سكوتهم عما يقوم به الغنوشي من تحالف صارخ مع الأمين العام السابق للتجمع المنحل وبين مواقفهم منها بكونها كانت تعمل تحت إمرة محمد الغرياني نفسه . ومواصلة لنفس الفكرة التي أرادت منها إحراج الثورجيين بفضحهم للرأي العام من خلال تعريتهم كجبناء لا يقدمون على الإحتجاج على اتخاذ الغنوشي لمحمد الغرياني مستشارا له قامت بوقفتها الإحتجاجية ضد الغرياني لا بصفته متآمرا على الثوره بل بصفته «قلاب فيسته». و يستفاد من ذلك أنها تعيّره بما يتميز به أغلب السياسيين المتواجدين اليوم على الساحة وخاصة جزء كبير من قواعد التجمع الذين تحولوا بعد الثورة إلى قواعد للحزب الحاكم الجديد أي التنظيم الإرهابي الذي يرأسه شيخ الإخوان بتونس عاملين بمقولة «راجل أمي بابا» و عبير بنعتها لما قام به محمد الغرياني ب «قلبان فيسته» تقول ضمنيا أن ما قام به هذا الأخير هو فعل تأباه الأخلاق و «الرجولية »، و لا ترى فيه تموقعا سياسيا جديدا آخر لرجل لم يمارس السياسة إلا من باب الإنتهازية المفضوحة التي تعتبر الإلتزام بالقيم الأخلاقية سذاجة سياسية . وهو مفهوم للسياسة متواجد في كثير من الدول، الديمقراطية و المتقدمة منها وما ينتمي للدول المتخلفة سياسيا. والفارق بين المتقدمين و المتخلفين هو أن الصنف الأول من الأنظمة الديمقراطية له وسائل ردع قانونية للتجاوزات اللاأخلاقية لحكامها كما نشاهده اليوم بالنسبة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي .و أما الصنف الثاني فهو ما نجده عندنا حيث لا وجود لأي رادع قانوني لتهور طبقتنا السياسية المنحرفة

و ما أعتبره زلة لسان في وصف عبير للغرياني بقلاب الفيسته هو ما يؤسس معنى هذاالوصف السلبي للرجل المنعوت بالنسبة لناعته أي عبير نفسها. فالخلفية التي تجعلها تعتبر ما قام به الغرياني خيانة هو مواصلتها عدم القبول بأن ما وقع في تونس ثورة أصيلة قام بها الشباب التونسي و استبشر بها أغلب التونسيين من كل الشرائح المجتمعية و استشهد إيمانا بها شكري بلعيد و محمد البراهمي و لطفي نڤض … من قبل أن تركبها المؤامرات المخططة المسبقة لقوى الإستكبار العالمية بتحويلها إلى شرارة إنطلاق مشؤوم لربيع عربي أريد منه القضاء النهائي على إمكانية حلم بلداننا العربية ببناء أنظمة ديمقراطية تقطع مع تسلط اللاهوت النفطي السائد بعمالته المفضوحة لأعداء كل شعوبنا العربية المختلفة. و كأني بعبير تواصل الخلط بين الثورة المضادة التي ينفذها الثورجيون و ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي. وهو موقف الذين ينعتون ثورتنا بثورة البرويطة و هم في ذلك يلتقون موضوعيا مع كل الإنتهازيين الذين خلت آفاق تفكيرهم من كل قيم تتصل بالحرية و الكرامة التي نادت بها ثورة تونس المباركة . وهذا الخلط السلبي بين الثورجية و الثوره يقابله خلط آخر بين حزب بورڤيبه و حزب بن علي. وهو خلط تعمده دعاة الرجعية الذين ألصقوا فترة حكم بورڤيبة بفترة حكم بن علي الذي أطاحت به ثورة الشباب. و هو خلط كانت و ما زالت غايته تصفية مهزومي التاريخ حساباتهم مع بورڤيبة و لو بعد رحيله . متبعين مقولة «يمشي موسى في جرة فرعون». هاته الثورة التي جعلت من حرية المبادرة السياسية الحزبية و حرية التعبير الفردية و الجماعية حقا لا رجعة فيه.

فالمقاربة السياسوية الصرفة التي تتحدث عن حزب عريق يبلغ من العمر مائة سنة لا طائل منها إلا توظيف مفهوم الأقدمية في سياق ما يقوم به راشد الغنوشي عندما يتحدث عن أقدمية حزبه محتسبا الفترات الزمنية التي مر بها تنظيمه الإرهابي الجوهر و الفكر ولم يستطع بعد تجربة عشر سنوات من الحكم الديمقراطي أن يتحول إلى حزب سياسي مدني مواصلا نسف التحول الديمقراطي بالقضاء على مقومات الدولة المدنية التي بنتها نخب الشعب التونسي من الوطنيين الصادقين بقيادة قائد ثوري مثقف إسمه الحبيب بورڤيبه . وقد كنت نبهت لعدم شرعية الخلط بين الحزب الحر الدستوري الإشتراكي وتجمع بن علي لما صرح محمد الغرياني غداة حل التجمع للقناة الفرنسية فرانس 24 بأن حزب التجمع هو إمتداد للحزب الحر الدستوري الجديد (أنظر في بلوڤي هذاتسجيلا لمحاورة إذاعية قام بها معي الإعلاميين محمود الڤفصي و عليا رحيم بإذاعة المنستيربتاريخ فيفري 2011 ) فليس من صالح التأويل الموضوعي لمراحل تاريخ تونس الحديث الدمج اللامنهجي بين الحزب الحر الدستوري الذي أسسه الثعالبي سنة 1920 و الحزب الحر الدستوري الذي يوصف بالجديد والذي وقع تأسيسه أثناء المؤتمر الإنشقاقي الخارق للعادة للحزب الحر الدستوري سنة 1934 بقصر هلال . فالفارق بين حزب اللجنة التنفيذية و حزب الديوان السياسي فارق نوعي وكذلك الأمر بين الحزب الحر الدستوري في مرحلة التحرير الوطني و نفس الحزب بعد الإستقلال . فالأحزاب التحريرية كثيرا ما تتغير هويتها بتحولها إلى أحزاب حاكمة .وكذا الأمر بالنسبة للمراحل المتتالية اتي مر بها الحزب بعد الإستقلال و أزمات النمو التي عرفتها الدولة الجديدة من بدايات الإستقلال إلى حدود سنة 1974 بعد أن بدأت معركة وراثة بورڤيبه إثر مرضه و خضوعه لأنظمة علاج مزمنة أضعفت من إستقلالية قراره. ثم مرحلة التوفيق المتناقض بين ستالينية محمد الصياح وليبرالية الهادي نويرة وشكلنة الهويةالسياسية للحزب الدستوري الإشتراكي الحاكم و تحويله إلى حزب الحاكم .مما خلق الظروف الطبيعية التي سمحت للجنرال بن علي بالإستلاء على الحكم بطريقة سلمية تمثلت في انقلاب طبي شرعه الفصل 56 من الدستور . و تحويل الحزب الإشتراكي الدستوري إلى حزب الحاكم سهل موضوعيا تحويله إلى حزب الرئيس الجديد الذي استعمله كأداة رقابة مكملا لمشمولات وزارة الداخلية بالمعنى البوليسي المعهود. ومن الضروري لكل ذي عقل أن يعترف أن حزب التجمع قد انتهى يوم امتطى زين العابدين بن علي طائرة تونس الجوية التي سفرته و عائلته إلى السعودية حيث وافاه الأجل المحتوم و دفن بالمدينة المنوره. فهو لم يكن حزبا سياسيا بقدر ما كان أداة حكم .في خدمة نظام السابع من نوفمبر و انتهى بانتهاءالنظام الذي كان يشغله. ومن الضروري لكل ذي عقل أن يعرف حزب عبير بأنه حزب جديد تأسس بعد الثورة متخذا مرجعية دستورية من خلال فهم غامض و تعميمي لهاته المرجعية المتعددة الدلالات و التي لا يمكن اعتمادها كوقود إيديولوجي لحزب مستقبلي دون مراجعة عميقة و جادة للتأويلات المختلفة التي عرفها تاريخ الحركة الدستورية بغاية إثراء الأدبيات السياسية لتونس الثورة المستقبلية البورڤيبية دون حنين لحالة الجنين و الحلم بالعود إلى الجنة المفقودة.

و السؤال الحارق الذي أطرحه اليوم و أنا أساند عبير موسي في مقاومتها اليومية للنظام البرلماني الإنتهازي المخترق من طرف تنظيم الإخوان الإرهابي هو متى ستعلن رئيسة الحزب الدستوري عن تصالحها الصحي مع ثورة 17 ديسمبر -14 جانفي المجيدة و تحريرها ممن ركبوها لمنعنا من مواصلة الإجتهاد و الرقي إلى أن يرث الله الأرض و من عليها كما أوصى بذلك الحبيب بورڤيبه الذي يعتبر تراثه ملكا لكل التونسيين وليس للدستوريين فقط ؟


Répondre