ثورتنا تونسية أو لن تكون

with Un commentaire

ما أمكنني استخلاصه من الأحداث التي عرفها شارع بورقيبة بالعاصمة يوم 26 فيفري 2011 هو أن هذه الأخيرة قصد منها  أولا و قبل كل شيء تشويه المظاهرة « المليونية » السلمية التي انتظمت ببطحاء القصبة  و استغلال صور العنف الشديد والقاتل التي وقع إنتاجها  بالمناسبة  بغاية  التجرم على  ثورتنا  بالمسخ المتعمد لبعدها الحضاري  المتميز.

2. و تتمثل  جريمة المسخ  هذه والتي يبدو من شهادات أطراف عديدة و مختلفة أنها ارتكبت بسابق إضمار في إخفاء صور مظاهرة شارع الحبيب  بورقيبة  الشبابية  ليوم    14 جانفي  2011  تحت  صور جديدة   مغايرة  للأولى في الشكل و المضمون.

3.  كما تمكن القراءة  اليقظة  للشهادة التي « تلقفتها »  قناة الجزيرة  من احد المحتجين  بشارع بورقيبة من  التفطن  إلى أن  الغاية من هذه  الأعمال  الإجرامية هي « الاستدلال  بالصورة الموثقة  و المنشورة » على  أن  الحكومة التونسية الحالية  ليست اقل  دموية  من نظام القذافي.

4. و ما أريد لفت النظر إليه هو انه من الضروري اليوم  وقد صار شباب المدونين طرفا هاما في الجبهة الإعلامية للدفاع عن الثورة أن يقع الانتباه إلى أن الشكل مرتبط بالمضمون و يمكن على هذا الأساس تضمين خطاب سياسي غير معلن « لغويا » في شكل غرافيكي  من  السذاجة  اعتباره « محايدا  سياسيا »

5. وقد سبق لي و أن أشرت إلى أن   »مظاهرة  14 جانفي  الشبابية  العارمة  بشارع  بورقيبة  أبهرت العالم بجمالها و أدخلت الهلع  في نفس طاغية  ثقافته محدودة  جدا »  وقصدت من ذلك  إدراج  البعد  الجمالي « للتظاهرة »من بين وسائل الإقناع السياسي ( وهي تظاهرة إلى جانب كونها مظاهرة) . و إن التفحص في الصور التي وقع توثيقها و نشرها على نطاق واسع من طرف وسائل الإعلام المكتوبة         و السمعية البصرية لهذا الحدث التاريخي يفهم أن الشباب المثقف الذي  » اخرج التظاهرة » أعطاها صبغة إبداعية ثقافية بالأساس. مما أجبر مجلتي   »باري ماتش »  و « الاكسبريس » ذات التوجهات اليمينية على تخصيص طبعات خاصة  لصور ثورة تونس التي اتصفت بجمالها المعبر عن بعد غير معهود و مختلف نوعيا عن صور الانتفاضات الشعبية العربية و الانقلابات العسكرية التي سبقت ثورتنا الشبابية « على الطريقة التونسية. »

6. إذا ما نحن ربطنا الإخراج الغرافيكي المعتمد من طرف قناة الجزيرة في تأثيث خلفية أستوديو البث المتواصل المستعمل للمتابعة المستمرة لما يجد في المنطقة العربية و خاصة بتونس و ليبيا و اليمن يمكننا أن نلاحظ أن هذه  الخلفية تتكون منذ يومين من صورة مركبة تجمع بين أعلام كل الدول العربية التي تعرف أوضاعا احتجاجية. وهو ما معناه أن « نحشر » مفاهيميا كل ثوراتنا  » المحلية » في اتجاه مسار موحد يتسبب على الأمد المتوسط في توجيهها إلى  الطريق القديم و المسدود و المتمثل في « الإيديولوجية العروبية ». وهي نية بدا بالتعبير عنها منشط قناة الجزيرة أثناء تغطيته لمظاهرة يوم الجمعة الماضي قائلا » و لو نحن اغتنمنا فرصة هذه الثورات المتتالية لانجاز الوحدة العربية التي نترجاها منذ سنين ». مع الملاحظ و انه بالموازاة إلى ذلك  ظهرت على الفايسبوك صفحة إشهارية سياسية جديدة إلى جانب صفحة راشد الغنوشي عنوانها » شعب واحد ثورة واحدة ».

7. ثبت و أن المظاهرة « المليونية » بالقصبة كانت في الواقع ذات صبغة إيديولوجية جمعت بين « ثوروية الشباب » و عروبية الناصريين و البعثيين  وإسلاموية الإرهاب اللفظي  الذي قام أتباعه  بترويع وزير الشؤون الدينية في مكتبه و المسرحيين المسيسين الذين جاؤوا للتعبير عن مساندتهم المبدئية للثورة. هذا إلى جانب المندسين من الأطراف المشبوهة المتآمرة على الثورة والذين سيكملون مظاهرتهم بشارع بورقيبة جاعلين من يوم الجمعة 25 جانفي 2011  يوم ردة و إجهاز على المقومات الموضوعية لتواصل العملية السياسية الثورية.

فحذار من المتآمرين الذين يدسون السم في الدسم  ومن تقليد  شبابنا  للمظاهرات المليونية المصرية الاصيلة .

الناصر بن الشيخ


Une réponse

  1. Youngy
    | Répondre

    Thanks for sharing. What a pelausre to read!

Répondre