هويتي المفتوحة تتجذر في الزمن الأمازيغي.

with Aucun commentaire

من أجل التفعيل السياسي لثورة شعبنا، شعار  أردت منه اختزال برنامج  العمل  الخصوصي  الذي يفسر المهمة  التي من أجلها يلتف شرفاء تونس حول  الرجل الذي أنجح  المرحلة الأولى من فترة التحول الديمقراطي و هو ما شهد له به الجميع بما فيهم من  يحاولون منذ توليهم  مسؤولية المرحلة الثانية من نفس الفترة تحويل وجهة الثورة  و اعتبار هاته المسؤولية فرصة « تاريخية » لإرساء الخلافة التي لها يخططون و من أجلها يتآمرون و لو أدى ذلك إلى التفويت في استقلال البلاد و المساس من هوية شعبها.

و على هذا الأساس و اعتبارا لأني أعتبر عملية التفعيل السياسي للثورة عملا يقوم به مختصون في السياسة و ليس الثورجيون فلقد رأيت من باب إثراء المنابع أن اتطرق لقضية الهوية مبتعدا ما أمكن عن الطروحات الأيديولوجية المضيعة للوقت و المستلبة للفكر. فالهوية التي يتآمرون عليها  هوية  ثرية بتعدد مشاربها  و بأحقاب متلاحقة من الحضارات تتجذر كلها في الزمن الأمازيغي  الذي بدأ التَأْريخ له منذ اثنين و ستين و تسعمائة و ألفي سنة أي منذ صعود الأمازيغي « شكنوك الأول » على عرش  مصرمؤسسا للعائلة المالكة الثانية و  العشرين من تاريخ الفراعنة سنة خمسين و تسعمائة قبل الميلاد و مائة و خمسين سنة قبل تأسيس عليسه الفنيقية  لآمبراطورية قرطاج البونيقية. و ما لا يدع مجالا للشك هو أن هوية ِشعوبنا الشمالإفيقية المختلفة من مصر إلى جزيرة المغرب بصحرائها التي تصلها بتخوم  مالي  و مدنه الأمازيغية المسلمة  طنبكتو و ڤوا قد انصهرت انصهارا كليا في حضارة الإسلام  المتنوعة ألأشكال  بالرغم من توحدها كلها في مضمون الرسالة المحمدية و القرآن الكريم  مما جعل من أمازيغ المغرب الكبير من أكبر الناشرين لدين محمد في الغرب ألإسلامي و الذين ساهموا بشكل مرموق في إثراء حضارة الناطقين بالضاد في هذه الربوع.  سواء عن طريق المعربين منهم الناطقين باللهجة العربية المتأثرة باللكنة الأمازيغية الدارجة بين شعوب المغرب الكبيرأو الذين واصلوا استعمال التمازيغت  جاعلين منها لغة حية شاهدة على الأصل المشترك و مرسخة للذكرى على أرض الآطلس المقدسة

و قد يبدو هذا التذكير بهوية المغرب الكبير الأمازيغية  مناقضا و « مشوشا » للرؤية السياسية الواضحة و التي تستمد نجاعتها  من  ضرورة التركيز على ما يوحد صفوفنا  بغية الوقوف أمام الغزو الوهابي لأوطاننا باالتصدي السياسي المركز  لعملائهم من أبناء جلدتنا ممن استهوتهم الدنيا فباعوا ضمائرهم للشيطان. غير أن ظني كبير في أن مواصلة القول بأن هويتنا عربية إسلامية و لسنا بحاجة إلى من يعربنا أو يؤسلمنا من جديد طرح لم يثبت جدواه و لن يمنع غاسلي عقول المغفلين و « الغلابه » من أبنأء شعبنا من أن يواصلوا إقناع هؤلاء أنهم غير عرب بما فيه الكفاية و غير مسلمين بما فيه الكفاية مجبرينهم  على الشعور بالنقصان و بالذنب الذي يمهد  للإحتواء السياسي و الفكري و الديني. ذلك أن الشعور بالإنتماء للعروبة و للإسلام عندما يكون أساسه الهوية  الإيديولوجية المسقطة كثيرا ما يكون عامل استيلاب يجعل حامله ضحية ممكنة للتلاعب الإيديولوجي بالعقول. والهوية العربية الإسلامية المسقطة  كثيرا ما ينتج عنها انفصام في الشخصية بين الواقع المعيش و ما نتوق أن نكون عليه فيجتث الواحد منا نفسه من واقعه  الخصوصي و يتخيل لنفسه أصلا عربيا يجعله ينتمي إلى قبيلة ما بجزيرة آل سعود. متخليا في نفس الأن عما يسكن لاوعيه التاريخي من رؤيا أمازيغية للوجود مسكونة بالإسلام الصوفي الذي يقع اليوم هدم نمط من أنماطه العديدة في طمبوكتو .

و الهوية الإسلامية المسقطة يمكن أن نلاحظ مفعولها المستلب على  الذين ينادوننا  من على منابر المجلس التأسيسي للتضامن مع مسلمي بورما  دون التنديد بما يقوم به الإرهاب الوهابي الممول من قطر  من طمس لذاكرة شعب مسلم دخل الإسلام عن طريق  أمازيغ المغرب الكبير و درس  ساداته وشيوخه  وائمته الأفارقة في  فاس و مراكش و تلمسان  و نفطه

فالإسلام المسقط و العروبة المسقطه هو ما جعلنا نغفل عما يقع في ليبيا الشقيقة  و اختزاله في معركة ايديولوجية بين جهادي القاعدة  و فلول  كتائب القذافي دون  ألأخذ في الحسبان أن تحرير طرابلس لم يجن ثماره السياسية  جماعة بلحاج الأفغاني فقط بل زاحمته فيه نخبة من المثقفين و الأطر العليا من أمازيغ جبل نفوسه الذين رجعوا من المهجر للمشاركة في الثورة حامين الثورة الليبية من همج الجهاديين  و سيف الاسلام القذافي من أن  يلقى مصير ابيه دون محاكمة عادلة و الحال أن القذافي قد اضطهدهم الى أقصى حد مانعا عليهم حتى التكلم بالتمازيغت.

أقول هذا للإشارة إلى ما تحمله الهوية الأمازيغية بليبيا الشقيقه من تجاوز  للتقوقع الأقلياتي الذي اعتاد أمازيغ تونس و الجزائر  و المغرب حصر القضية الأمازيغية فيه  و هو تجاوز أملته الممارسة الثورية  لنخبة مثقفة يعتبرون ان من أولويات ليبيا الحرة ان تندمج في فضاء اقتصادي مشترك يضم  تونس و ليبيا باعتبار ه  جزء من الامتداد الجغرافي لأرض الأمازيغ التاريخية لافرق بين المعربين منهم و المتكلمين باللغة الأصلية  إلى جانب  العربية

و يمكننا ان نتفهم أكثر ما يمكن ان يحيل علية التمشي الاقتصادي  الذي اعتمده امازيغ ليبيا أثناء انعقاد مؤتمرهم الأول بطرابلس غداة تحريرها من توجه سياسي  ناضج  قد يجد صداه  لدى كل النخب المغاربية الغيورة على استقلال  شعوبنا المختلفة و المتجذرة سويا في التاريخ الأمازيغي المشترك

الناصر بن الشيخ

Répondre