صلاة الإستسقاء ظاهرة نبوية وتقليدها من طرف المؤدلجين للدين تجاوز للحدود

with Aucun commentaire

أثار حدث إقامة صلاة الإستسقاء بجمهورية تونس في أواخر شهر نوفمبر من السنة 2021 بالتقويم الڤريڤوري و الموافق لأواخر شهر ربيع الثاني لسنة 1443 بالتقويم الهجري جدلا بين جماهير الفيسبوك أغلبه ذو مرجعيات دينية إسلاموية و مرجعيات انتربولوجية     ومرجعيات تاريخية إلى جانب ردود الفعل الإيديولوجية التلقائية واللاواعية بحدودها مثل ردود فعل اللايكيين العلمانيين والعلمويين     وكل أصناف « الرجعيين » و « التقدميين » من المتحزبين . و من البداية أوضحت المكان و الزمان الذي أؤسّس منه و فيه معنى قولي      ومنهجية تطرقي لحادثة إقامة صلاة الإستسقاء بتونس اليوم. بدأت مقالي هذا بالتذكير بأن موضوع إهتمامي سيكون « حدث إقامة صلاة الإستسقاء » و ليس صلاة الإستسقاء. ولهذا الغرض بدأت بذكر تاريخ الحدث بالرجوع للتقويمين الڤريڤوري و الهجري معتبرا أقدمية ميلاد المسيح على هجرة الرسول إلى يثرب . و التفريق المنهجي بين حدث « إقامة صلاة الإستسقاء » و صلاة الإستسقاء أساسه إعتمادي لنظرية علمية مجال تطبيقها الأصلي حقول تاريخ الفن و تأويل الأعمال الفنية بالرجوع إلى تاريخيتها أي بوضعها في إطارها التاريخي والحضاري المخصوص . فالمشهد المرسوم هويته أو دلالته تتغير من زمن إلى آخر و من فضاء حضاري إلى آخر بالرغم من تطرقه لنفس الموضوع. و إعتماد هذا التمشي في تأويل مشهد مرسوم ينسحب على كل أدوات التعبير الثقافي  والتواصل المجتمعي بما في ذلك المفردات اللغوية و الإشارت الجسدية. و ما يضمنه إعتماد هذه النظرية هو عدم السقوط في الشكلانية التي تجعل الباحث يجد شبها في الشكل بين أنماط من الرسم الحديث المسماة بالرسم التجريدي والزخرفة الإسلامية فيسقط معنى الأول على الثاني و يقول إن المسلمين قد اكتشفوا الرسم التجريدي قبل الغرب الحديث أو إن الواسطي قد سبق بيكاسو في التسطيح وعدم إعتماد المنظور في رسومه المحايثة لمقامات الحريري.

و نأتي إلى ذكر صلاة الإستسقاء و إقامتها بتونس بعد عشر سنوات من حكم الإخوان و 35 سنة بعد الإطاحة بحكم بورڤيبه. وهذا التحديد الزمني و المكاني لإقامة صلاة الإستسقاء يشير إلى أن معنى إقامتها اليوم يختلف عن معنى صلاة الإستسقاء كسنة نبوية لها معنى خوارقي يحيل على عالم أرض الحقيقة الرمزي حيث يقول الشيخ الأكبر عنها في « الفتوحات المكية » أن كل ما لا يقبله العقل في عالمنا جائز في هاته الأرض. والخوارقيات نمط فكري ترميزي له دلالته الخاصة في إطار الفكر الديني و عندما يسقط على العلم بالواقع كما يؤشر له العقل يتحول إلى شعوذة و تضليل. والخلط بين البعد الترميزي الذي يدخل في باب الحكي الشعبي الأسطوري المعتمد في أناشيد مدح النبي والتي تقول بأن يوم مولد محمد بن عبد الله سقطت أربعة عشر شرفة في قصر كسرى وخمدت نار الموبيذان (المولدية كما ينشدها الشيخ عبد المجيد بن سعد القلعي الكبيري) فعل تضليلي و خطير. فالبعد الخوارقي لصلاة الإستسقاء لا يسمح لنا بأن نخرجه عن عملية أسطرة سيرة الرسول من طرف مريديه من مسلمي الزمن الأول وسنقول خطأ إن قلنا أن ما ينسب للرسول من إنزال للمطر هو غير صحيح كما لا يمكن أن ننكر واقع فعل عصا موسى في فعل سحرة فرعون. شريطة أن لا نسقط الخطاب الرمزي على الواقع حتى لا نحول دين التحرير بالتنوير (العقلي) وهو الإسلام القرآني كما يفهمه العلماء وهم أقرب الناس إلى لله (و لا يوحى إلا لذي عقل) إلى شعوذة كما فعلت كنيسة القرون الوسطى برسالة المسيح.

صحيح أن دين الحب إيمان نوعي تتجاوز وسائل ترميزه المتعدده كل الأديان باحتوائه لها و لا يقصي أي دين منها بما فيها معابد الأوثان وأديرة الرهبان وقارئي التوراة و مرتلي القرآن . و لكن ما ينشده محي الدين بن عربي يمكن إعتباره توقا طوباويا تجسد واقعا محسوسا في شخص متصوره. و تصوره هذا ليس طريقة تتبع من طرف مريدين أوأتباع وهو القائل كن شيخ نفسك لأنك إن إتخذت شيخا و مشيت وراءه لن ترى ما رآه ولن ترى إلا أثر خطاه.

و مما يرجح التأويل الرمزي لصلاة الإستسقاء ربط الإستجابة لها بمن سيُتوسَّل به إلى الله كما فعل عمر عندما استسقى بعم الرسول والحال أنه خليفة رسول الله. فالإستقاء لايستجاب لطالب الإستسقاء بل لشخص طاهر لا يطلب شيئا ويقع طلب الإمطار الخوارقي بإسمه.فعمر لم يقم باتباع سنة رسول الله في الإستسقاء باعتبار نفسه نائبه كهو حتى يقع التفريق بين استسقاء الرسول الخوارقي      وسنة الإستسقاء الترميزية ذات الطلب الغير المباشر لأن الإتصال المباشر بعالم الملكوت يقع عن طريق المعراج أو بواسطة جبريل الروح القدس بالنسبة لمحمد و لمريم ام المسيح أو عن طريق فعل الله الخوارقي في جبل سينا بالنسبة لموسى.

فكما انتهكوا قدسية الكعبة الشريفة ببناء نصب شبيه لشكلها يقع الطواف حوله من طرف المقبلين على الحج يؤكد مهرطقو الإسلام السياسي مواصلة ترذيل السنة النبوية و الرسالة المحمدية التنويرية و تحويلها إلى سلوكيات مارقة عن الدين و شعوذة لا تنطلي حيلتها إلاعلى الغلابى من أمة محمد.

وبعد هذا يمكننا التفحص المنهجي في خصوصيات كل الممارسات التي تشبه شكلا صلاة الإستسقاء المحمدية و المتواجدة في الطقوس الكنسية المسيحية و اليهودية وفي طقوس الإمطار في حضارات أمريكا ما قبل كلومبس الإنكا و الأستيك و في تقاليدنا البربرية المتمثلة في تظاهرة أمك طنڤو التي يجوب الصغار أثناءها شوارع القرية طالبين الإمطار. وكل هذه التمظهرات الثقافية المختلفة بالرغم من أنها تصب كلها في غاية طلب الإمطار لا تحمل نفس المعنى الذي تحمله صلاة الإستسقاء التي يقوم بها المغرر بهم من أتباع الغنوشي أو المغفلين الذين يرون في الإسلام عادات و تقاليد يجب المحافظة عليها حتى لا نفرط في هويتنا الإسلامية التي إن نحن واصلنا اعتبارها بهذا الشكل لا يمكن إلا أن تواصل شدنا إلى الوراء ومنعنا من المشاركة الفعلية في كتابة تاريخ الإنسانية.

Peut être une image de ‎une personne ou plus et ‎texte qui dit ’‎صلاة الإستسقاء تکریس للطقوس الكنسية لإسلام مشایخ الإنحطاط اللاعلماء الذين شعوذو العقلانية دنية القرآنية وأطفوا نور الله في القلوب‎’‎‎

 

Répondre