التغول التشكيلي أو التغول عينه

with Un commentaire

البيان الذي أصدرته الإدارة العامة للمركز الثقافي بالحمامات حول قانونية العملية المتمثلة في تكليف السيده صديقه كسكاس بإنجاز عمل فني يبتغى منه الإحتفاء بالذكرى الستين  لصدور مجلة الأحوال الشخصية و في نفس الآن تكريم شاعر الثوره و المعروف  بحبه لتونس كما لا يحب البلاد أحد و بقوله نساء بلادي نساء ونصف  يبرراختيار هاته الفنانه دون غيرها  بأن ما أخذ في الإعتبار هوما تتمتع به السيده صديقه كسكاس من تواجد لأعمالها في الكثير من بقاع العالم وأن العملية تدخل فيما عهده المركز من تقليد يدخل في جملة مهامه التي ينص عليها قانونه الأساسي والمتمثل في استضافته لمبدعين تونسيين و أجانب حيث يقضون بالمركزفترة معينة من الزمن ينجزون أثناءها عملا أو أكثر يثرون به مجموعة الأعمال الفنية المؤثثة  لهذا الفضاء المشحون برمزيته منذ أن وقع تدشين مسرحه  بعمل لعلي بن عياد ما زالت هندسة  خلفية الركح تحمل معالم ديكوره.

والمتمعن في محتوى البيان يلاحظ    أن المدير  العام للمركز بعد أن كان صرح بأنه سيستقيل إذا  ما وقع عدم الإعتراف بقيمة المنجز الفنية لما يمثله عدم الإعتراف هذا حسب رأيه من مساس من مبدإ حرية التعبير،   عدل عن لغة التحدي و التهديد بالإستقاله التي تذكرني بموقف حمادي الجبالي من قضية والي سليانه واتخذ نحوا قانونيا دفاعيا و كأني به يتحدث بحضور محاميه إذ صار يشرع لما وقع من خلال قرار جماعي يحترم مبادئ الحوكمة الرشيده والشفافية التي يمليها  الواقع الديمقراطي الذي تعيشه البلاد و حرية التعبير التي ليست حكرا على أحد.

ونظرا إلى أن قضية الحال تتصل بمنتوج رمزي وقع انجازه في إطار طلبية تقدم بها المركز للسيدة صديقه كسكاس مآله الأخير بعد تجاوز الظرف الإحتفالي الخاص الذي أقرت في إطاره هذه الطلبية أن يضم إلى بقية الأعمال الفنية التي يحتويها المركز و التي  تجعل منه فضاءا رمزيا  مثل الفضاءات المتحفية التي تضيف  للقيمة الفنية للعمل الذي تتبناه قيمة جديده تتصل بالتواجد الدائم  داخل الفضاء نفسه الذي لا يقيم فيه بصفة أبدية إلا المسطفون وهو ما تشير إليه بصفة مباشره  السيده صديقه كسكاس بعنونة عملها ب«صلاة أبدية تهديها صديقه للصغير ولاد حمد»

و من واجب التوضيح فيما يخص هذا البعد الرمزي لفضاء المركز أن أشير إلى عدم وعي المسؤولين عليه بضرورة تأكيد استقلاليتهم كمساهمين في انتاج القيمه المضافة التونسيه  الخصوصية دون الإكتفاء السلبي بتأكيد ما وقع الإعتراف به مسبقا من طرف مؤسسات «عالمية» أو أجنبية لها سياقاتها الخاصة في القراءات المختلفه لما يسمى بصفة تعميمية تعويميه بالفن المعاصر و الذي يبدو وأن الذين يتسترون عن الرداءة الصارخة للعمل المعني يعتمدون القول بأن الفن المعاصر يكرس الحرية المطلقة للفنان و لا يخضع بالتالي لأي مقاييس موضوعية. و هو ما نبه لخطورته الزميل الحبيب بيده مدير المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس عندما أشار إلى ضرورة التقييم العلمي للأعمال الفنية  و ما قام به بطريقة تشرف المبدعين من الشبان التونسيين الذين تكونوا و كونوا أنفسهم بمعاهدنا للفنون الجميله بتونس و صفاقس و سوسه ونابل الزميل الفنان الشاب أسامه الطرودي في مقال نشره بالأمس أنصح مدير المركز بقراءته حتى يفتح بصره على الفضاء الذي يسوسه  و يرفع من مردودية عمله الإداري و الثقافي بالضرورة.

ومن الملاحظ أن البيان المنشور لا يأخذ في الا عتبار كل ما قيل في الموضوع  حاشرا كل ما كتب من طرف أهل الإختصاص من الجامعيين التونسيين والمحيطين عن كثب بكل ما يهم المجال الثقافي بشكل عام و بالمجال الفني التشكيلي بالخصوص في خانة الضجيج والصخب الإعلامي  الذي يتظلم على المبدعين وهو موقف يشبه ردة فعل النعامة التي تغرس رأسها  في الرمل عندما تشعر بالخطر كما يقال عنها.

وعندما أدعو إلى إعتماد منهجية الوضوح المفاهيمي كما طالبت في سابق مقالي حول ضرورة الإبتعاد عن التشنج فذلك من باب مساعدة الإداريين على الوعي بخصوصيات الإبداع التشكيلي وهم لا يعرفون أن علم الإنسان لا يكون إلا بقبوله تجاوز المعرفة التلقائية الأولى و إعمال فكره فيما يقول والتفكير في طريقة تفكيره ليلج عالم النسبي و يتخلى عما يجعله راسبا في العشوائية التي تمنعه من التفريق بين « فنانة معاصرة » إسمها الحقيقي صديقه كسكاس  و إسمها الفني Sadika والفرق بين الإثنين نوعي. فالأولى موقعها الموضوعي لا يتميز عن بقية زميلاتها و زملائها الذين درسوا الفن في نفس المعاهد والكثير منهم هم ممن   » يتمعشون من التعليم » كما صرحت صديقه في وجه زملائها قبل أن تستقيل من التعليم     و يقع رفتها نهائيا و بدون رجعة من الوظيفة العمومية.( أنظر مقالي المنشور على موقعي الخاص على الويب naceur.com والمعنون  » آنا مانيش كيفكم نتمعش من التعليم ». وأما الثانية فتمثل صاحبة مشروع اقتصادي مختص في صناعة البلور الفني أسسته Sadika  بعد أن قامت صديقه كسكاس وهي خريجة معهد الفنون الجميله بتدمير الفرن الوحيد للورشة العمومية الوحيده التي تعلمت فيها فن النفخ في البلور عن أستاذ تشيكي متعاون إسمه حسب ما أتذكر « بورسبيخال » حيث انتدبته ليشرف على ورشتها الخاصة بعد حرمان بقية الطلبة المسجلين بورشة البلور بباب سعدون من مواصلة تكوينهم  في الإختصاص متفردة بالسوق.

واللعب على الحبلين يبدو و أنه تواصل،  مدخلا الإرباك في التعامل مع هاته الفنانه المعاصره التي تتخلى عن حقوق التأليف (التي حددتها بما يفوق الستين ألف دينار) مكتفية بخمسة و عشرين ألف دينار تقول و أنها قيمة تكلفة الإنجاز المادي للفكرة التي تجعل منها تشريعا غريبا لحقوق التأليف في مجال التعبير الفني حيث لا تفرقة ممكنة بين الشكل والمضمون. وفي قضية الحال يمكننا القول من خلال بيان ادارة المركز الثقافي و أن هذا الأخير يثمن تنازل المبدعه المختصة في الفن المعاصر الذي لا يفهم كنهه الا صفوة النخبة التي تنتمي إليها الفنانه  وهي حقوق موهومة لا وجود لها بالنسبة للتعبير التشكيلي ( و لا يوجد الا مفهوم حقوق التتبع والاستعمال التي تختلف بين القوانين الأوروبية المحافظة لحقوق المبدع بعد بيعه لعمله  والقانون الأمريكي الذي يجعل مالك العمل يتصرف فيه كما يشاء :   Usus et abusus). و يقع تحويل الطلبية  من الطلبية المعلنه في سابق التصاريح إلى عرض على الفنانة بأن تقيم بالمركز على حسب ما يسمح به القانون بالنسبة للفنانين المقيمين (دون طلب مسبق منها) و أن تنجز عملا مقابل استضافة المركز لها و أما قيمة تكلفة الإنجاز فيسيدفعها المركز للحرفيين الذين قاموا بالعمل عن طريق المناولة و هؤلاء الحرفيين ليسوا في الواقع إلا مؤسسة Sadika لتصنيع الفن المعاصر.  وهي الممضية بالفرنسية على عمل الحرفيين الذين أنجزوا خط أبيات الشعر على مسطبة القبر المسعور الذي ينتظر الشاعر. وهي تمضي في الواقع هاته الفكره التي تحدد قيمتها بستين ألف دينار،تنازلت عنها مشكوره لفائدة الصالح العام.

كما  غنى لطفي بوشناق  » خذوا المناصب و المكاسب لكن خلونا الوطن .والأوطان بشعوبها و شعب بدون مبدعين  لن يكتب له الدوام.centre hammamet

Une réponse

  1. حسين مصدق
    | Répondre

    شكرا استاذي الناصر في انتظار مقالي في الخصوص… حتى تهدا عاصفة ردود الفعل المتشنجة ..

Répondre