مهمّة رجل التعليم أكبر من مهنته. بقلم أسامه الطرودي
1- التعليم عمل قائم على بعده الرّمزي، لأنه مشروع إنساني مشترك.
اعتباره فقط مهنة يُستقات منها أمر مهين للتعليم والمعلّم والتلميذ
من اختار القيام بهذا العمل عن طريق هذه المهنة في هذا البلد الفقير، فهو موقّع ضمنيّا على التزامه بالجهاد. ومن ينكر هذا الالتزام فلقد أخطأ اختيار طريقه و عليه تغييره لأنه دون ذلك سيضرّ حتما بالمجموعة الوطنيّة.
——————
2- يجاهد المعلّم ضدّ الجهل أوّلا، لأنّ الجهل يغلب دون أن يعمل بينما العلم لا يغلب إلّا بالعمل الدؤوب. ثانيا، يجاهد المعلّم ضدّ التجهيل، و منه المتعمّد (كغسيل الأدمغة الرّامي للتطرّف) و منه العفوي (كشاشات الابتذال و قنوات الرّداءة التي تضرب يجميع القيم عرض الحائط باسم الترفيه). ثالثا، يجاهد المعلّم الظروف الصّعبة، ظروفه هو وظروف تلاميذه المادّية والمعنويّة، ظروف مكان العمل والبنية التحتيّة، وظروف المناخ العامّ للبلاد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، و غيرها.
——————
3- قد يتعرّض المعلّم للظلم من عديد المصادر، من شخص التلميذ إلى القوانين المسيّرة للمهنة، مرورا بالأولياء والزملاء ورؤساء العمل… و من حقّه طبعا التضلّم، والاحتجاج، والتصعيد، والمواجهة القضائيّة إن لزم الأمر. و من حقّه أيضا المطالبة بتحسين كل الظروف، ظروف « المهنة » و ظروف « العمل ».
——————
4- لكنّ المعلّم جنديّ، حربه قائمة، عدوّه جهل تلميذه، جبهته قِسمه، وراحته أُهبة واستعداد متواصل. يتعرّض الجنديّ أيضا للظلم، ويتظلّم بالوسائل المتاحة له، ولكنّه لا يبرَح موقعه ويواصل معركته في نفس الوقت، لأنّه إن ترك الجبهة أثناء المعركة وراح للتضلّم يخسر الجميع معا و لا يجد في الغد شيئا يحارب من أجله.
——————
أيّها المعلّمون والأساتذة، أقول لكم و أنا الأستاذ ابن المعلّم، لا تسمحوا لظروف المهنة أن تغيّب معنى العمل ولا تنساقوا وراء الحلول السهلة فلا شيء سهل في عملنا، و إن اعترضنا مشكل فلا حلّ له إلاّ بأكثر من العمل نفسه. فلتضربوا عن المهنة، و لكن بذكاء يجعلكم لا تضربون عن العمل حتّى لا تسلّعوا إنسانيّة تلاميذكم، أبنائكم و أبناء الوطن.
Répondre