من أجل تخليص الثورة من بقايا إسلام بن علي

with 5 commentaires

طوال الثلاث والعشرين سنة الماضية منع المثقفون التونسيون من مواصلة الحوار الفكري حول الإسلام و كيفية مقاومة أشكال التطرف الديني الذي عرفته الساحة السياسية ابتداء من النصف الثاني من السبعينات دون اللجوء إلى العنف و العنف المضاد.

و كان ذلك اثر قرار « العهد الجديد » بإنهاء هذه النقاشات الفكرية الحيوية في بلاد عرفت في فترات التحرير و بناء الدولة الجديدة نشاطا أصيلا تعرض للقضية بتعمق كبير لم يعرف مثيله إلى حد اليوم على مستوى البلدان العربية الأخرى .و قد أشير علي شخصيا بصفة مباشرة من طرف وزير الداخلية آنذاك بان التزم بعدم التعرض  لمثل هذه القضايا المثيرة للبلبلة بعد أن قرر النظام الذي يمثله أن يعول على الحلول الأمنية من جهة و على إعلان المشرفين على الدعاية الرسمية زين العابدين حاميا للحمى و للدين.

و كأن النظام  يستمد شرعيته من العنف و العنف المضاد بين الدولة والمتطرفين الإسلاميين والذي كان سمح لبن علي بأن يقدم نفسه للقوى العظمى بمثابة الدرع الواقي للعالم الغربي من الخطر الإرهابي. وهو خطاب استعمله إلى أخر لحظات حكمه عندما أراد أن يسوق ما يقع بسيدي بوزيد و الڤصرين بأنه نتيجة تدخل إرهاب القاعدة بالمغرب العربي.

ومن المعروف أن التصدي الأمني لعنف أساسه تحويل الدين الإسلامي إلى إيديولوجية سياسية لم يتمكن إلا من جعل الظاهرة تستفحل فتطورت ممارسات المتطرفين من استعمال « ماء الفرق » بباب سويقة بالعاصمة قبل « التغيير » وبعد ما يقرب من العشرين سنة من الإحاطة الأمنية الصرفة إلى مقاومة مسلحة بالجبال المطلة على الطريق السريعة على مستوى ڤرنبالية و سليمان. و عندها لجأ النظام إلى الاستعانة بخطاب الإسلام المعتدل و الذي لا يمثل تفكيرا بقدر ما يمثل دروسا في الأخلاق لا فاعلية لها لكونها تنتمي لنفس الأفاق الذهنية التي يعتمدها الأصوليون المتطرفون. و لا أدل على هذا التقارب العضوي بين إسلام الفضائيات السعودية و إسلام دولة بن علي بعث إذاعة الزيتونة الدينية من طرف صخر الماطري و التي لم يقم المشرفون عليها إلا بالترويج لإسلام لخصه الشيخ مشفر في « حبه لسيدنا » مكملا لأغنيتي بوزيان و الرباعي في نفس الموضوع وللتصوف الفني » لحضرة 2″  للجز يري.

و ما يمكن ملاحظته اليوم هو أن الموقف الرسمي لتونس الثورة إزاء قضية تسييس الدين من طرف الإسلاميين ما زال يواصل نفس السياسة التي وقع إقرارها في عهد بن علي خدمة لنظام هذا الأخير. فالحكومة المؤقتة ما زالت تتعامل مع القضية بكثير من الحذر باعتبار أن الدفاع عن الثورة من الإسلاميين الذين يخططون بكل دقة لركوبها لا يمكنه إلا اتخاذ نفس الموقف الذي اتخذه بن علي        وصهره صخر الماطري بسحب البساط من تحت أرجلهم بتقمص دورهم واعتماد لغتهم واتخاذ لونهم البنفسجي شعارا لدولته.

وهكذا وقع الحفاظ على توجه الشيخ مشفر بإذاعة الزيتونة وعلى الإعلان عن مواقيت الصلاة بوسائل الإعلام المرئية و المسموعة      وترك « بكل ديمقراطية » مجال المجابهة الغير الكفأة مفتوحا بين « لايكيين » لا يفقهون من الإسلام إلا كونه دينا مثل اليهودية              والمسيحية وإسلاميين شبان وقع تجنيدهم على أساس الدفاع عن الهوية الإسلامية مما يلحقه بها « الملاحدة والكفار اللاييكيين » من مسخ. وهي مجابهة بدأ أصحاب الموقف « النخبوي من اليسار اللاييكي يشعرون بأن شعبوية حزب النهضة ستحسمها لصالحها « بكل ديمقراطية ».

و إذاعة صخر الماطري التي بارك راشد الغنوشي بعثها ما زالت تساند حلول « الإسلام المعتدل » الذي خطط لها محمد الغرياني وصخر الماطري وراشد الغنوشي بالأستانة قبيل الثورة بأيام.

و القول كما أشار إلى ذلك السيد الباجي قايد السبسي مذكرا بدستور 59 بان تونس دولة دينها الإسلام ولغتها العربية  لا يكفي للرد على الخطاب الإسلاموي والعروبي المؤدلج .

و المطلوب اليوم هو أن يفسح المجال لتوضيح الفكر البورقيبي الذي أكد فيه واضع الدستور الأول أن  تونس لغتها العربية و دينها الإسلام  وذلك بالتفحص المنهجي والعلمي لمعانيه التونسية الأصيلة باعتباره الإسلام دين تحرير للعقول و تنوير للبصائر و ممارسة متواصلة للجهاد الأكبر.

فهل سنضر بالتمشي الديمقراطي لتونس الثورة إذا نحن عوضنا أخلاقيات الشيخ مشفر بإذاعة الزيتونة بمحاضرات بورقيبة و الفاضل بن عاشور و كتابات الثعالبي و الطاهر الحداد  و الشيخ سالم بن حميدة الذي صبر على اضطهاد المحافظين من أبناء عشيرته بأكوده بعد أن سمح لبناته باسم الإسلام من مواصلة تعلمهن و الخروج سافرات في زمن كانت فيه رفيقات المناضلة بشيرة بن مراد تشاركن في المظاهرات و هن متبرقعات.

الناصر بن الشيخ

5 réponses

  1. nadia jelassi
    | Répondre

    L’article 1 de la constitution est l’oeuvre de Cheikh Ennaïfer. Bourguiba lui a demandé de trouver une solution à la définition de l’identité tunisienne sans heurter les uns et les autres. A l’époque, la communauté juive comptait 700 000 milles environ. L’article reflète un compromis historique, assez ambigu – il faut le dire- mais c’est un compromis qui a très bien fonctionné. Aujourd’hui, la situation est différente. L’article 1 devient très très dangereux. S’il a bien fonctionné jusque là, c’est parce que Bourguiba a su lui donner un sens moderniste. Ben Ali n’a pas pu rompre définitivement avec l’acception bourguibienne. S’il reste tel quel et si par malheur, le pouvoir bascule en partie ( dans 5 ou 10 ans par exemple) aux mains des intégristes, l’interprétation de l’article 1 risque d’être fatale pour le pays. Un Etat musulman peut être converti en Etat islamique.

  2. mohamed ben hamouda
    | Répondre

    لقد قامت ثورة شباب تونس بإنجاز قطيعة مذهلة على كل مستوياتها. أستاذنا المتميز ، هل لا حظت أن شعوبنا صارت محل احترام من طرف العالم ….ونحن حقيقون بذلك بما أننا تركنا الوعي الأسطوري وأصبحنا نصنع التاريخ … فكيف بربك تريد أسطرة بورقيبة بعد كل ما جرى وما يجري؟ أم أنّ أسطرة بورقيبة هي تعلة ووسيلة؟ … من هذه الناحية، جميعنا يقر بأنك مثال الإنسان العملي والذي لا يعترف بالهزيمة مهما حصل … يبدو أن من سمات البورقيبيين أنهم لا يرحمون شيبتهم: شدة حرصهم تجعلهم يتشبثون بالسلطة إلى أن يبلغوا مدارك مخجلة

    • Janeece
      | Répondre

      And I thought I was the sensible one. Thanks for setting me straihgt.

  3. Finch
    | Répondre

    You’re a real deep thinker. Tahkns for sharing.

Répondre